الجمعة، 17 سبتمبر 2021

بقلم ... الشاعر سمير عبدالرءوف الزيات

 الهارب

ـــــــــ
وَمَضَيْتُ أَبْحَثُ فِي الْمُدُنْ
عَنْ هَارِبٍ ، وَاهٍ فُتِنْ
قَدْ فَرَّ مِنْ صـَدْرِي إِلَيْـكِ
فَلاَ اسْتَقَرَّ ، وَلاَ اطْمَأَنْ
قَدْ فَـرَّ يَبْحَثُ عَنْ هـَوَاكِ
كَأَنَّهُ مِنِّي أَحـَنْ
فَأَتَاكِ مَحْمُوماً يُعَانِي
مِنْ صَبَابَتِهِ الْوَهَــنْ
فَإِذَا بِــكِ تَتَجَاهَلِيـنَ
كَأَنَّ شَيْئا لَمْ يَكُــنْ
***
بِالأَمْسِ غَنَّانِّي هُنَا
مِنْ شَدْوِهِ لَحْنًا أَغَنْ
فَطَرِبْتُ مِنْ أَنْغَامِهِ
مَا بَيْنَ أَنـَّاتٍ وَفـَنْ
وَلَمَسْتُ فِي أَنْفَاسـِهِ
شَجْوا مُثِيرًا لِلشَّجَـنْ
فَرَقَصْتُ كَالطَّيْرِ الذَّبِيحِ
بِغَيْرِ حِــسٍّ فِي الْبَدَنْ
وَبِآَخِرِ الرُّوحِ الَّذِي
قَدْ صَارَ مِنْ وَهَنٍ يُجَـنْ
***
قَدْ كَانِ يَبْكِي هـَا هُنـَا
مَا بَيْنَ أَحْضَانِي يَئـِنْ
هَدْهَدْتـُهُ ، وَحَضَنْتـُهُ
وَجَعَلْتُ مِنْ صَدْرِي سَكَنْ
وَشَمَلْتُــهُ بِعِنَــايَتِي
حَتَّى تَرَاخَى وَاطْمَـأَنْ
فَنَامَ كَالطِّفْلِ الْبَريءِ
الْمُسْتَكِينِ الْمُطْمَئِنْ
حَتَّى تَوَارَى الليْلُ عَنِّي
عَنْ صَبَاحٍ يَفْتَتِنْ
فَذَهَبْتُ أُوقِظُهُ وَأَسْأَلُ
عَنْ جَوَاهُ وَهَلْ سَكَنْ ؟
***
فَتَّشْتُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْ
فِي مَهْدِهِ إِلاَّ الشَّجـَنْ
فَتَّشْتُ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ
وَبَيْنَ أَعْضَاءِ الْبَدَنْ
فَتَّشْتُ مَا بَيْنَ الْعَذَارَى
لَمْ أَجِـدْهُ بَيْنَهُـنْ
وَسَأَلْتُ نَجْمَاتِ السَّماءِ
وَفِي السَّمَاءِ سَأَلْتُهـُنْ
فَبَكَيْنَ مِنْ لَهَفِي عَلَيْهِ
وَلاَ جَوَابٌ عِنْدَهُنْ
***
وَمَضَيْتُ أَبْحَثُ فِي الْجِبَالِ
وَفِي الْخَمَائِلِ وَالْفَنَنْ
وَبحَثْتُ فِي كُلِّ الْقُرَى
وَبَحَثْتُ فِي كُلِّ الْمُدُنْ
حَتَّى تَعِبْتُ وَلَمْ أَجِدْ
غَيْرَ الْمَرَارَةِ وَالْوَهـَنْ
فَرَجَعْتُ بِالأَحْزَانِ وَحْدِي
لاَ خَلِيـــلٌ أَوْ وَطـَنْ
***
وَأَتَيْتُ أَسْأَلُكِ عَلَيْـهِ
فَمَنْ سِوَاكِ أَتَاهُ ؟ ، مَنْ ؟
فَلَعَلَّهُ مَــلَّ الْجـَوَى
فَأَتَى إِلَيْكِ ، وَلَمْ يَهُنْ
لاَ تَصْمُتِي مَحْبُوبَتِي
إِنِّي أَمَامَكِ قَدْ أُجَنْ
وَأَكَادُ يَقْتُلُنِي الأَسَى
وَبِغَيْرِ ذَنْبٍ أُقْتَلَنْ
هَلاَّ أَجَبْتِ حَبِيبَتِي
أَيْنَ الْفُؤَادُ الْمُفْتَتَنْ ؟
***
مَنْ ذَا يَعِيشُ بِغَيْرِ قَلْبٍ
- فِي جُمُـودٍ - كَالْوَثَنْ
مَنْ ذَا الَّذِي يَحْيَا الْحَيَاةَ
بِغَيْرِ نَبْضٍ فِي الْبَدَنْ
سَيَمُوتُ حَتْماً –فِي هَوَانٍ-
تَحْتَ أَقْدَامِ الزَّمَنْ
وَتَدُوسُهُ أَقْدَامُهُ
وَبِغَيْرِ سِعْـرٍ أَوْ ثَمـَنْ
لاَ تَصْمُتِي مَحْبُوبَتِي
وَكَأَنَّ شَيْئاً لَمْ يَكُنْ
***
سمير عبد الرءوف الزيات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق