البحر
يشدني ذلك اللون الأزرق السماوي وهو ينعكس على صفحات الماء الهادئ المنساب على كف الارض التي تتحتضنه بكل حنان .
أجلس على صخرة صماء متعالية لأحتوي كل الجمال المتدفق من السماء ،تتلاحق تلك الأمواج وتتلاطم بالقرب مني ، أحادثها أبوح لها بأسراري ، ألقي اليها بأحزاني المخزنة الواحدة تلو الاخرى ،عبقها القديم من شدة التخزين يجعلها ثقيلة على ضلوع صدري ،تتصاعد مع زفرات متتاليات، تقفز من قصيباتي وتنتحر على زبد البحر تروح وتعود مع المدّ والجزر ،ولا أزال قابعا على تلك الصخرة البكماء لاترد على وشوشاتي مع تلك الروح المتهالكة ،آه أيها البحر
جئتك خاوي اليدين مغمورا في الأحزان ،
جئتك جاثيا على أحزاني ،جئتك مشهرا سيفي على آلامي ،جئتك موقنا بانتصاري على نكبتي ،على وحدتي ، على حيرتي ، جئتك غارقا في اضطراباتي ،و لخوفي صرير كصرير القلم وهو يخط جُملي .
أرنو الى ذلك الافق البعيد لأرقب وصول أحزاني الى نقطة اللاعودة المفقودة .
وأغوص في الأعماق أتململ بذاتي أمزج كل الانكسارات مع قطرات البحر أغسل خيباتي ،أحنو على نفسي ،
أعلو لأطفو على صفحة الماء الهادئة ،أبحث عن برد وسلام ،أقرأ مختلف الأحلام أعشق خير الكلام .
أسبّح الله المعبود وأشكره على النعم فرغم الوجع أعلم ان الأوجاع نعمة تقربني من الخالق تجعلني أتدثر بالصبر من بردها وصقيعها .تنقلني الى العلياء أين يناجي قلبي حبيبه .
الحبيب الدائم الذي سخر لي أرضا وسماء برا وبحرا شتاء وربيعا مزهرا مع أيامي التي أرقب تفتح براعمها .
أشدو على هذه الصخرة بدندناتي أخفف بها أعباء النفس المتثاقلة ، فأهيم في ملكوت عظيم من الهدوء .انها السّكينة والطمأنينة التي ينزلها الله على قلبي المسارع اليه لأصل الى اليقين الجميل أننا عابرون مستمرون استمرار الحياة بين عثرة وعثرة نعدل قيامنا ،ونحسن ابتهالنا لننال مرضاة الخالق جلّ وعلا ،انّها الدنيا مختبر الكلمات والمواقف والأحداث والقدرات ،
أجرب فيها جميع الفنون .فأنا الصّابر في الشّدائد والعارف للمواقف والرّسام في تلوين اللّوحات السّوداء حتى لا أضيع في سوادها ،والمتأرجح لكني أتوازن في الاخير ،والسّياف المستعد لقطع أوردة الانخذال ،والقائد المتمرس أقود آهاتي توسلاتي طموحاتي أحلامي أجلسها امام باب المتفضل العظيم الذي لايردني خائبا أبدا .
انه الجليل العظيم الذي خلقني وصوّرني ويَسّرني لأعود اليه في كل وقت وحين ،فيالجمال تلك اللحظات وأنا أُسبِّح فوق تلك الصخرة وابوء بكل ما يجيش بداخلي لأعود خفيفة الروح والوجدان وقد رضيت بما كتبه الله لي .خالقي وحبيبي، وازداد يقيني بأنني لن أضيع في الدُّنا مادمت عبدا لربٍّ كريم سخّر لي الكون بأكمله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق