ريمة والحلم المنتظر
------++ --------
في قرية ريفيةشبيهة بدشرة منسية تقع بين جبلين شاهقهين يكسوهما شجر العرعر والصنوبر من اليمين ، واشجار الزيتون واللوز التي استفاد منها المستفيدون مشروع الثورة الزراعية ، هذه الثورة التي يمتدحها جيلها وفلاحوها انها وفرت لهم سكنات وحماما ومسجدا وو.... .
سكان هذه القرية كانوا في عهد سابق من مختلف البلديات المجاورة بحكم انتمائهم إلى هذا المشروع الفلاحي الذي انتهى بنهاية حكم حاكم البلاد الفحل كما يزعمون.
وزعت الأراضي على منتسبيها وبعضها استحوذ عليه ذوو القربى واليد السمينة ، وباعوها لمستغلين همهم كسب الملايين من وراء كرائها لأياد كادحة تحلم بأن تبقى على توفير منتوج فلاحي ولو كان قليلا.
أما القرية المنسية لم يبق فيها إلا سكانها الأصليون الذين استولوا على السكنات التي تركها الفلاحون القادمون من مختلف البلديات ،تاركين وراءهم اكواخا مبنية من كوب الطين سقفا ومن اعمدة الصنوبر السلس واغصان الديس سقفا.
واستمر الحال على اهل القرية المنسية يقتاتون على ما يتحصلون عليه من منتوج فلاحي موسمي ضئيل ، ضف إلى ذلك فهم يختطبون خلسة ويبيعون مايحتطبون إلى ساكني الحضر - هكذا يزعمون - ليشتروا بثمنه البخس علبة قهوة واوقية سكر وقكرات من زيت المائدة .
تطورت الأمور واصبحت القرية بلدية لها ميرها - هكذا يسمونه سكانها- يأمر وينهي ، واستمر الحال وتطورت اجتماعيا وثفافيا ، واصبحت تمتلك مدرسة ومتوسطة ، التي مكنت شبابها وشاباتها من نهل العلم والمعرفة ماأمكن اهم ذلك ، إلا أن المعلمين والأساتذة والذين كان سكان القرية البلدية بالشيوخة ، تيمنا بعلمهم
من بين المتمدرسات في المتوسطة تلميذة اسمها ريمة هيفاء ،اعطاها الله من الحسن والجمال مالم يمنحه لرفيقاتها ، فسبحان المبدع الخلاق ، عينان كحيلتان يعلوهما حاجبان سودوان وكانهما نونين خطهما خطاط ناسخ بريشة تفنن في رسمهما ، شعر كحيل ممزوج بالشقراوية ،كأنه سنابل قمح تتماوج حين يهب النسيم في أرض خصبةمرتفعة قرب بلديتهم ، نخلة في عامها الثاني أعطت بلحها لم بنضج بعد .
يدخل عليها استاذ العربية كما يسمونه رفقة زملائها ، حجرة الدرس ، وأي درس هذا اليوم ؟!. ، وقغوا احتراما كما تعودوا وهي في المقعد الأوسط الأخير بجانب صديقتها ليمة، ليمة ميسورة الحال تسكن بعيدا عن المتوسطة ببعض الكيلومترات ، هي لا تعود للمنزل منتصف النهار ، بل تذهب مع ريمة لتناول وجبة الغذاء كما تعودت منء ست سنوات خلت ، قيل عنها فيما بعد أنها تلازمها ولا تفرقها إلا عند الضرورة ، يطلب الأستاذ من طلبته الجلوس ، بينما ريمة بقت مبهوتة مطأطئة الرأس مما جعل شعر رأسها ينسدل على الطاولة كالحرير مغطيا وجهها وكأنه حجاب ابدعه المبدع المصور ، لم ينتبه الحاصرون إليها لأنهم كانوا منشغلين بالأستاذ الجديد ، هو تجاوز الثلاثين ،لكنه وسيم يعشق البدلةالكلاسيكية ورابطة العنق التي لاتفارق قميصه الأبيض على مدار السنة خلال عمله ، متوسط القامة ، خفيف الوزن والروح ، في عينيه نظرات ثاقبة تنم على تمكنه من تخصصه ، نظر إليه متأملا ، ثم توجه نحوها وهي لاتزال على حالها مغروسة في مكانها ،وما ان اقترب منها حتى مد يده اليمنى محاولا تنبيهها برفق لتسترجع يقضتها من جديد ، لكنه تذكر أنه في بيئة محافظة وأنه حديث العهد بها ،لابد من التريث ، وطلب من ليمة جارتها أن تشعرها بالعودة إلى طبيعة الحلوس .
همزتها ليمة بسبابتها ان استيقضي وهي تبتسم مما جعلت ابتسامتها توحي إلى أمر يجهله الأستاذ وحتى الحاضرون.
رفعت رأسها وبقوة مما جعل شعر رأسها ينتشر إلى مساحة أوسع ويصل جزء منه إلى يد الأستاذ الذي كان يشير بها إلى ليمة ، وما إن هدأ شعرها على كتفيها منسابا كأنه خيوط حرير واستقرت في مكانها مسندة ظهرها على الكرسي ناظرة إلى الأستاذ مرسلة ابتسامة ظهرت من خلالها سبحة بيضاء لمتعبد في الليالي الدافئة ، محيية أستاذها الجديد ، حياها وهو في طريقه إلى مكتبه يعيد قراءة المشهد الغريب الذي لم يعشه حتى في مدينته الحضرية أو مدن عريقة عاش فيها فترة من العمل ، مدن زاخرة بجمال المراهقات اللواتي كن يراودنه عن نفسه، كل واحدة تحاول الظفر بعواطفه ، هو كان على علم بسبب تنافس هؤلاء الشقروات ، إنهن يصطدن في الماء العكر ،كل واحدة ترسل شركها لتصطاد علامة مقبولة على الأقل ، كان يراوغهن عن مطلبهن مشددا على أن يحرسن للتحضير الجيد لامتحان آخر السنة ، هن لايعلمن انه سينتقل إلى أقرب متوسطة لعائلته التي كان يزورها خلال عطلة الأسبوع ، ويستمر الصراع بين مرب همه أن يتشرف بنجاح نسبة كبيرة في الامتحان الرسمي ، ورغبة الجميلات المراهقات اللواتي يأملن الانتقال إلى ثانوية الونشريسي على حساب تضخيم العلامات على حساب تلبية رغباتهن ، (ويأتي الامتحان الذي يكرم فيه المرء أو يهان) ، وتعلن النتائج ، وتعلق القائمة على الوجهة المخصصة للإعلانات ، ااطابة مع أوليائهم في تزاحم ، الأعناق مشرئبة صوب القوائم ، والعيون شاخصة نظراتها ، الكل يبحث عن اسمه ، هذه ترسل زغردة معانقة امها تارة ، وزميلتها طورا ، الراسبون والراسبات يكفكفون دموعا منهمرة كأنها عين ( لابلاص) ، لابلاص ، هي ساحة وسط المدينة حيث استشهد الفنان المجاهد ( علي معاشي ) ، الذي نتغنى بسنفونيته لحد الساعة ( جولة في مدن الجزائر) ، وماإن تعرف الحضور على النتائج ، فرح من فرح وتألم من تألم ، الأستاذ من بعيد يراقب مل هذه الحركات والأصوات التي ملأت بهو المتوسطة ، وافترق الجمع كل على شاكلته
محمد سنوسي
الجز ائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق