السبت، 30 أبريل 2022

بقلم ... الشاعر يحيى محمد سمونة

 سرد

ذات يوم وضعت نفسي في موقف لا أحسد عليه البتة، بل كلما تذكرت ذلك الموقف استحكمت بي غصة تقف في حلقي، ثم تجتاحتني عبرات لا يعلم إلا الله كم كان يلفحني لهيبها أنا الرجل الذي يغالب الستين من عمره !
○○○
كان ذلك عقيب انطلاقة ما يسمى بالربيع العربي - ذاك الربيع الذي وقع فيه المواطن العربي المسكين بين فكي كماشة تقرض رأسه
○○○
كان الخبز الذي هو أهم مستلزمات الحياة قد أصبح حينئذ حلم المواطن المسكين و كان عليه أن يقف ما بين ثلاث أو أربع ساعات للحصول على ربطة منه يسد بها رمقه، ليعود في اليوم التالي إلى ذات الحالة المريرة
○○○
و فيما كنت منتظما في سلك القطيع الذي ينتظر دوره للحصول على ربطة خبز، و كانت مدة انتظاري لم تزد بعد عن ثلاث ساعات - و لك أن تتصور حجم الاحتقان لدي و حجم المعاناة جراء وقفة الذل تلك - إذا بفتى لم تخط شارباه بعد و قد ارتدى بدلة مموهة مما يشير إلى أنه أحد أفراد ما يسمى باللجان الشعبية التي من المفترض فيها أن تكون عونا للمواطن بدل أن تكون عبئا عليه،
يقتحم هذا الفتى كوة البيع من الطرف المقابل للدور و يطلب من البائع كمية من الخبز تعادل خمسة أضعاف الكمية التي يسمح ببيعها لعموم الناس الضعفاء - و هذا يعني إطالة أمد الانتظار لهؤلاء المنتظمين في الدور -
○○○
إذا بي و بلا شعور مني أصرخ بأعلى صوتي متوجها إلى البائع القابع خلف الكوة طالبا منه عدم البيع لذاك الأرعن الذي تخطى الدور ...
انقدحت عينا الفتى السافل الفاجر بالشرر و توجه نحوي بكل وحشية و لؤم، و انهال علي ضربا دون مراعاة منه لكبر سني و ضعف بنيتي الجسدية، لم تكن تؤلمني اللكمات التي أتلقاها منه بقدر ما كان يؤلمني كفره و بذاءة لسانه و الشتائم التي لم يسلم منها إله أو نبي أو أم أو أخت أو زوجة ... يا إلهي كم هو موقف مرير قاتل !
و على حذر شديد جدا تدخل بعض من كان حاضرا تلك المأساة ممن كان ينتظم في الدور و طلب من ذاك الفتى المنتفش أن يكف عن سلوكه الوحشي هذا، فما كان من الفتى الأرعن إلا أن قال بكل صفاقة و وقاحة و بذاءة و حقارة، قال [ كل واحد منكم ينشغل بنفسه حتى ما أعمل = كيت و كيت = بأخواتكم و نسائكم ]
لكن الكثير من الحضور ممن استاء جدا من كلام ذاك المنتفخ هجموا عليه بقوة رجل واحد و انهالوا عليه ضربا و لكما و صفعا و تحقيرا
فما لبث أن هرب من بين أيديهم غير أنه توعدهم قائلا بأنه ذاهب ليحضر كافة أجهزة الدولة و على الرجل منكم أن يتسمر في مكانه.
- يحيى محمد سمونة -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق