ثرثرة على قارعة الانتظار
نقع في خداع أنفسنا بعض الأحايين ، لكن بتعمق تحت سطح الضمير ثمة صوت هادئ يقول لنا؛ شيئا ما غير صحيح
حياتنا في مجملها استعراض انتهاز وصولية استغلال كروت اتصال لا غير ، عند انتهاء مدة صلاحيتها أو انتهاء الرصيد بحثنا عن كرت أخر وهكذا دواليك.
الآخر بالنسبة لنا حقل تجارب فرضته اللحظة ، أو خيار يبقى الاحتفاظ به مرهونا بعدم إيجاد البديل، أو كالاحتفاظ بإطار السيارة تحسبا للأسوأ، وهكذا نظل نبحث عن الأفضل والأجمل وفي كل محطة بحثً، ننسى أنا كلمنا قلبا أو جرحنا روحا ، ونستمر هكذا بمدى مفتوح وأفق بلا حدود متخبطين هنا وهناك ، وإذا ما خارت قوانا وتاهت خياراتنا وعلى حين غرة أقبل شعاع ضوء من بعيد ملوحا، يريد الاقتراب منا ، عدنا لطبيعتنا ولسان حالنا لعل هناك ضوءا أكثر إشعاعا وأطول بقاء.
عالمنا المتحرك الجامح حركة وتناقضا وصراعا ومازال ، كنا نظن أن هذا محصور على عالم الماديات ، ما كنا نتوقع أن أسمى ما يحمله الإنسان من مشاعر صادقة وعواطف إنسانية جياشة ، تتعرض للتجريف والمزايدة في سوق نخاسة ، أشبه ببورصات المال ذات الخطوط المتعرجة صعودا وهبوطا.
للأسف الشديد بتنا غرباء ، نظن أن الناس كأشباهنا تلقائية وبساطة ووضوح ، بينما نحن لسنا إلا بضائع معروضة في أسواق العولمة ، ذات النزعة الاستهلاكية ، التي قضت على كل شيء حتى القيم التي تفصلنا عن بقية الكائنات الحية لم يعد لها في ميزان هذا الزمان مكانة أو تقدير.
يعتقد البعض منا أنه لن يشعر بذاته إلا إذا هرول الآخرون نحوه ، وتلذذ بجريهم وراءه ولحاقهم به ؛ ليمنح نفسه سطوة الحضور وقوة الوجود، لنتفاجأ بأنا كنا واهمين في منح ذواتنا نوعا من الخيلاء ، متناسين أن الآخر يبني قناعة راسخة وحكما قطعيا.
يخطئ من يظن أن مصيره مروهن بمصير واحد وأن حياته، الحياة ستسمر بنا أو بغيرنا ، ومن السخف أن يمنح المرء غيره حق تقرير سعادته واستقراره ، كم أنت حكيم يا الله بصير بخلقك!.
ستمضي الحياة بنا أو بغيرنا ولا خيار إلا التسليم لقضاء الله وقدره ، وما منع الله شيئا إلا ليمنحنا أشياء أخرى أجمل أفضل منها ، وما غلق بابا إلا ليفتح أبوابا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق