............... مسيرة الهلاك ...............
حسب ما أرى وأسمع ونحياه نحن إلى الله أقربُ
نحمده ونشكـره وندعوه وإلى أمة القـرآن ننتسبُ
ولا شك أننا نعرف كل الرسل وما أتت به الكتبُ
وقد سلمنا بهم مثلما ندعي وليس في ذلك عجـبُ
وعندما تتمعن في أحوالنا سوف يصيبك الغضبُ
فالأمم تتعلم وتتقدم ونحن نشقى ونتناحر ونندبُ
وكلما حاولنا النهوض والتحرر نتدهور ونرسبُ
فجميع المصائب والمآسي على رؤوسنا تنتصبُ
أمرنا جد محيّر ويثير القلق وكأن ليس فينا نخبُ
النفاق ديدننا والخداع نهجنا والجهل فينا ضاربُ
ألسنا أهل مكر ودجل فعلى من يقع اللوم والعتبُ
وجميعنا يعرف وبدون مواربة أننا العلة والسببُ
وفي كل حال وعديد المعاني فإننا النار والحطـبُ
وكأن بالتأخر والمكر والذل والغباء خُصّ العربُ
فلا تستغرب أن العدو البعيد والقريب بنا يتلاعبُ
ونحن كالحمقى نجادل ونستهتر ونتظاهر ونكذبُ
ونلقي بانحطاطنا على مشيئة الله وما ننفك نلعبُ
يتقدم الزمن والحياة تتطور ونحن ننحط ونخرُبُ
والمثير للجدل أننا نتوجع ونشتكي ولكن لا نتعبُ
فيبدو أننا تعودنا وألفنا الشقاء فليس منه مهـربُ
أسرى الجهل نحن وقد يعترينا الهلع حين يتغيّبُ
فالخرافة والتضليل ملء تفكيرنا فكيف لا نحتربُ
وكيف لا نتيه ونعتلي أهواءنا ونتطاحن ونتسيّبُ
بكل ما فينا من تهور وغرور فلا نتعقل ونحتسّبُ
ففينا مختلف النزوات والنوازع والنعرات تلتهبُ
وآفة الحقد والحسد والعناد والرياء لدينا لا تُغلبُ
والخاسر من لا يلتحق بمسيرة الفساد ولا يكتتبُ
وارتكبنا كل وأشد الهفوات ولم نتعلم مما نرتكبُ
وكررنا شتى الحلول ورغم الفشل مازلنا نجرّبُ
وعلى هذا النحو سنظل بتقاليدنا نفاخر ونتصلّبُ
والأمم تهتم بالتجديد ونحن بالقـديم ننوّه ونرحّبُ
ألسنا نعيش مسيرة هلاك وكأنها نصيبنا المرتّبُ
فحيثما توجّهنا وسلكنا فإننا إليها نتنادى ونذهـبُ
وقد اتبعنا من بيده الأمر الأول والحكم والمذهبُ
فما الحاجة إلى التغيير ونحن لا نفكر ولا نرغبُ
إن التفكير مشقة إذا طغى الجهل والدجل والكذبُ
وهكذا فإن الحق كالصدق يؤذي والعدالة تصعبُ
وما عساك تفعل حين تكثر العمائم وتعلو الخطبُ
فدون ما يقولونه يتوقف العلم والمعارف والأدبُ
وها هي أمة إقرأ بين مغـبة النقل والتقليد تتقـلّبُ
فلا تتحرر ولا تجد حلا كي يزول العحز والعطبُ
في أمه كرمها الله بوحي السماء فلا تتيه وتنكـبُ
إلا أن ما تعانيه حقا يبرهن أن وضعها مضطربُ
إن لم نقل قد تداعت فعلا وقولا وجنحت المراكبُ
حيث فسد أولى الأمر وعلى السلطة ازداد الطلبُ
وهكذا حادت عن العقل ومن العلوم بدت تنسحبُ
وبكل جهالة وإمعان إلى الانحطاط تهفو وتتأهّـبُ
ولا أظنك تجهل ما نحن فيه وأي مستقبل نترقّبُ
ورغم شدة الخضوع فرؤوسنا لا تعلوها السحبُ
فأمر التباهي والنفاق من عمائم الشيوخ يتسرّبُ
وتقام الصلاة وتغيب الرحمة والحب وما يتوجّبُ
وإذا أخفينا الكثير من العيوب فمآسينا لا تحتجبُ
ولا تسأل عن أدلة فهي كثيرة لا تعصى وتحسبُ
ويكفي أن تنظر وتفهم ما حولك فلا حال يُستحبُّ
فكل ما رسخ فينا هو التشتت والهوان والتعصّبُ
........... الهادي المثلوثي / تونس ...........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق