***إعادة نشر لمقالي
((الميزان المقلوب))
ونظارة ضبابية
بقلمي:د/نجوى رسلان
يختل
فعندما تزن نفس الشئ وتختلف فى تَقيِيمه من حين لآخر حسب هواك أو مصالحك الشخصية
فهذا ليس بالشيء الهَيّن، نعم إنه ذنبٌ عظيم
**وإليك قصتي ثم كلمتي
يُقال أن رجلاً فقيراً كان يَحيك الملابس ، وكان لديه من المهارة ما شجّع أحد التجار الأثرياء للشراء منه واشترط عليه خامات مُعينة وعندما انتهى الرجل الفقير اتهمه الرجل الثري بأنه قد استخدم خامات رديئة وأوهمه بغير ذلك
فواجهه الفقير بأنه اشتراها من محلاته الفارهة على أنها خامات ذات جودة عالية
** نعم كثيراً ما نعتب على غيرنا ما ننكره لأنفسنا وكثيراً ما نقلب الميزان لأهوائنا
ونتهم غيرنا بصفاتٍ ليست فيهم
بل نحن من اصطنعها لنرضي شيئاً فينا
**فمثلاً تجد الزوجة قد أكرمها الله بزوجٍ صالح مُحباً لها ، يعاملها بكل الود والحنان ، ليس لجمالها أو لِحُسنها بل هو رزق من الله فهناك الكثيرات الجميلات بل الأكثر منها جمالاً ويسئ زوجها معاملتها
**وتمر الأيام وتصبح هذه الزوجة أماً
وتدور الأيام وتُزوج ابنها ثم تنكر عليه حُبه لزوجته بل وتَفتعل المشاكل لإفساد حياته ، يا الله إنه الميزان المقلوب
**مثال آخر : تجد الأخ لا يطيق كلمة على أخته من زوجها ،وكأن أخته ابنة السلطان ، وإذا به يهين زوجته أمام أهله ولا يستحي من ذلك بل ويتباهى وكأن هذا معيار الرجولة أو ليبدو أمام أهله أنه ربّان السفينة بلا منازع
وعودة مرة أخرى للميزان المقلوب
**مثال ثالث : تجد الأب والأم يلهثان لتربية الأبناء ، ربما يُضنان على أنفسهما من أجل أن يَنعم الأبناء وتدور الأيام ويكبر الآباء ،وربما يمرض أحدهما وعندما يلجأ إلى أحد أبنائه وقد يكون مسافراً وأنعم الله عليه من فضله وبفضل دعواتهما ، ربما تجده يقول : هل أنفق ما تعبت في جَمعه
يا الله إنه الميزان الخَرِب
*"مثال رابع : تجد المرأة ولديها من البنات العدد ، وتُحرص كل الحِرص على إرضاء أزواجهن لإرضاء بناتها ، ثم تلوم على ابنها فى زيارته لأهل زوجته ، وقد تغار من معاملته لزوجته وتلطفه معها
وعودة للميزان المَلوُوح
*** أما عن الميزان المقلوب في العمل
فحدِّث ولا حرج
آخر معيار تُقاس وتُقيم به، مهاراتك وإمكاناتك وقدرتك على الإنجاز
وليس كل من يعمل مُقدر ولا كل مهمل مُعاقب
ولكن هناك اعتبارات أخرى مابين
وساطة أو تودد بالوشاية وغيرها
وعودة لميزانِ مُحطّم متهالك
إلاّ مَن رحم ربي
****وهكذا هناك الكثير والكثير من المواقف نستبيح الشئ عندما يكون لنا ،ونستنكره وبشدة عندما يؤول لغيرنا
***فنجرح الآخر بشدة ونعاتبه إذا غضب
*** وإذا جرحنا أحد قَدر أُنملة قامت الدنيا وأصبحت نيران مستعرة
**لماذا لا نضع أنفسنا موضع الآخر ؟
** لماذا نقسو وبشدة على الناس المعطاءة ونستَحِل عَطاءهم
**و عندما يتوقف العطاء لتَعثُر ما ننسى كل شئ بل ونَتَهمهم بالتقصير؟
** لماذا من يأخذ لا يحاول يوماً أن يمنح ؟
لماذا لا ننظر للصورة من كل زواياها ؟
لماذا نظلم بعضنا بعضاً ، وننظر لأنفسنا دوماً أننا الأفضل والأمثل؟
ما نحن إلا بشٌر نُصيب ونُخطئ
ومهمها طالت بنا لن تدوم فعوداً ثم عوداً إلى الميزان المعتدل ولنكسر كل الموازين المقلوبة والخَرِبة والملووحة
إذا خدشك أحدهم خدشاً بسيطاً أقمت الدنيا رأساً على عقب
وإذا ذبح أحدهم آخر أمامك ،لاقيت ذلك بلامبالاة قائلاً
لاضير مجرد خدش بسيط
غداً سيلتئم
**حب لأخيك ما تحب لنفسك
تستقم كل الأمور
وقُلتُ لميزاني يعتدلُ
فقال جئتَ أنَت بالعللِ
فكُنْ للخِل والخِصم
في الحق بلا خلل
فما تُحب من خيرٍ
زِنه للغير بلا كلل
صديقاً أو كان مُعتدياً
لو أحسنتَ له وزناً
عاد بالخير مُنقلباً
ولو أسأتَ فى الوزن
لا تلومنّ ما تجني
إن وزنتَ بالعسلِ
شربتَ طَّيّب الكَلِم
وإن وزنتَ بالسُحتِ
شربتَ مرارة النبتِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق